كلمة السيد مدير عام المركز العربي – أكساد بمناسبة اليوم العالمي للتصحر والجفاف

بسم الله الرحمن الرحيم … والصلاة والسلام على سيد المرسلين

إنه لمن دواعي سروري أن تشارك منظمة أكساد في اليوم العالمي  للتصحرفي 17حزيران من كل عام  لتسليط  الضوء على واحدة من أهم المخاطر واسعة الانتشار في أراضي المناطق الجافة وشبه الجافة من العالم، وبخاصة في عالمنا العربي، وأستشعاراً منا بخطورة التغيرات المناخية والمتمثلة بالجفاف وأرتفاع دراجات الحرارة في كوكبنا ,  خاصة وأن فعاليات اليوم العالمي للتصحر والجفاف تتوأم مع تطوير العمل بالاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر وتساهم في تحقيق الهدف السابع عشر من أهداف التنمية المستدامة الخاصة بتعزيز وسائل وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة والنهوض من الجفاف والتصحر بالشراكة والتعاون معاً  والتي أخذت الاهتمام الأكبر في الاجتماع الخامس عشر لأطراف الاتفاقية ،و”عقد الأمم المتحدة لإستعادة النظام الأيكولوجي” باعتبار أن  التصحرله عواقب بيئية واقتصادية تهدد الأمن الغذائي، ومن المرجح أن تصبح أكثر تواتراً وشدة في ظل التغيرات المناخية .

وبناءً على ماسبق, تداعت المجتمعات العالمية ممثله بالأمانة العامة للاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر إلى تعزيز الجهود الدولية الرامية إلى الحد من التصحروالتخفيف من آثارالجفاف عن طريق إعداد السياسات والاستراتيجيات الوطنية والإقليمية ، والتأهب للإنذار المبكر وتقييم المخاطر وحصر الأضرار ، ، وما احتفالنا هذا إلا استجابة منا كمنظمة عربية إقليمية و تجاوباً مع المتطلبات الدولية ، ودعماً للمؤسسات الوطنية المعنية في الدول العربية .

وأشيرهنا ألى بعض الحقائق الهامةعن التصحر فهو قضية عالمية لها أثار خطيرة على حياة البشر وأقتصادهم إذ يهدد التصحر سبل العيش لأكثرمن مليار شخص يعيشون في 100 بلد في العالم أما عربياً فان الأراضي القاحلة تشغل 70% من مساحة الوطن العربي وأن 20% من الأراضي الزراعية مهددة بالتصحر ويخسر العالم سنوياً / 10/ مليون هكتار  وعربيا 60000 – 80000 هكتار سنويا وتشير تقارير الأمم المتحدة على أنه لتلبية حاجة الفرد من الغذاء والكساء يتطلب توفير 3 هكتار للفرد , وبسبب الأزمة البيئية التي يعيشها العالم والتي تهدد الأمن الغذائي العالمي من جراء تعاظم التصحر وزيادة  السكان في العالم إلى أكثر من 7 مليارات شخص فقد تراجع نصيب الفرد ,أما عربيا فتراجع نصيب الفرد إلى أقل من 1.5 هكتار وبلغ عدد السكان أكثر من 300 مليون نسمة مما تسبب بفجوة غذائية قاربت 44 مليار دولار .وتدعوا أمانة إتفاقية مكافحة التصحر المجمع الدولي إلى التعامل مع الأرض بوصفها رأسمال طبيعي محدود وثمين  يجب إعطائها الأولية للمحافظة عليها كمورد رئيسي لتأمين الغذاء والكساء لملايين البشر. ولذلك جاء عنوان يوم التصحر لهذا العام ” النهوض من الجفاف معاً  “

ووفقاً لسيناريو تغير المناخ سيعيش العالم في عام 2030 مايقلرب نصف سكان العالم في مناطق تعاني من ندرة المياه بصورة كبيرة.

وأنطلاقا من خطورة الوضع بالنسبة للأمن الغذائي العربي حاضراً ومستقبلاً (أذا لم تتخذ أجراءات جدية لوقف التصحر وتحييد تدهور الأراضي والتخفيف من الجفاف) فأن منظمة أكساد ,منذ إنشائها  في مطلع السبعينيات من القرن الماضي ،  تعمل على تنمية الموارد الطبيعية وتحسين سبل العيش في المناطق الجافة وشبه الجافة من الوطن العربي ، وكان لقضايا التصحر وتدهور الأراضي والجفاف والعواصف الغبارية والرملية دور بارز في أنشطة أكساد ، واسمحوا لي أن استعرض معكم بعض الأنشطة والفعاليات التي نفذها أكساد في مجال مكافحة االتصحر والحد من الجفاف، على سبيل المثال في الجمهورية العربية السورية مراقبة التصحر لمساحة مليون هكتار بمنطقة البشري، وإعادة تأهيل 5000 هكتار في هذه المنطقة، ومكافحة زحف الرمال وتنمية المراعي لمساحة 2000 هكتار في منطقة هريبشة وكباجب بالبادية، ومسح الموارد الطبيعية لمساحة 3.5 مليون هكتار من البادية السورية، كما ونورد بعض الأمثلة من الدول العربية ،  وهي المراقبة السنوية للتغير المناخي في الغطاء النباتي باستخدام تقانات الاستشعار عن بعد لكامل أراضي الوطن العربي ، ومكافحة التصحر لمساحة 2000 هكتار في منطقة صبحا والصرة بالبادية الأردنية، و6000 هكتار في مصر موزعة على واحة سيوة ومطروح وسيناء، وفي السهوب الجزائرية 4000 هكتار، وفي السعودية 2000 هكتار بمنطقة العمارية ، وبشكل عامل فإن كافة مشاريع مراقبة التصحر ومكافحته التي ينفذها أكساد تأخذ بعين الاعتبار مشكلة تدهور الأراضي  والتخفيف من التغيرات المناخية ، وكان لها نتائج إيجابية من

أهمها :

  • حماية التربة وتراجع عمليات الانجراف الريحي وانخفاض كمية التربة المفقودة بسبب الانجراف والحد من حركة وتثبيت الكثبان الرملية.
  • حدوث تطور إيجابي ملحوظ في تنمية المراعي الطبيعية المتدهورة تجلى في زيادة الأنتاجية الرعوية والتنوع النباتي وعودة ظهور أنواع نباتية مهددة بالانقراض.
  • الحد من العواصف الغبارية والرملية التي كانت تهب من المناطق الساخنة، وكان لذلك أثر بيئي واقتصادي وصحي على السكان المحليين ووالثروة الحيوانية والمنشآت العامة والأراضي الزراعية والرعوية.
  • عودة الحياة البرية والتنوع الحيوي إلى المناطق التي خضعت للتنمية، وذلك من خلال ملاحظة عودة الطيور البرية وانتشار جحور الحيوانات الصغيرة.

إن إإحتفال أكساد بيوم التصحر العالمي ليس إلا استمراراً لنشاطات منظمتنا  للمساهمة في نشر الوعي حول اسباب ومحاطر وتقنيات مكافحته ، و بناء القدرات لدى المشاركين من الفنيين والعاملين في مجال مراقبة التصحر ومكافحته الذي يشكل الوعاء الأكبر لقضايا العواصف الغبارية والرملية في الدول العربية،  وهي استكمال   للعمل الجاد والمميز الذي يقوم به أكساد للمحافظة على الموارد الطبيعية من خلال خبراته المتنوعة والمتراكمة، ومنها الإدارة المستدامة للأراضي ، وترشيد استخدامات المياه ، واستنباط الأصناف المحصولية المقاومة للجفاف والأشجار المثمرة المتحملة للإجهادات البيئية ، إضافة إلى إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة والتخفيف من الآثار السلبية للجفاف والتغيرات المناخية  ،لقد نفذ المركز العديد من المشاريع الرائدة لمكافحة التصحر وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، ومتابعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ومبادرة تحييد تدهور الأراضي والذي يعتبر أحد غايات الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة ويعمل على الحفاظ على موارد الأراضي وبشكل منسجم مع أولويات التنمية المستدامة الوطنية في الدول العربية.

أما في مجال بناء القدرات العربية ، نفذ المركز العربي أكساد باعتباره بيت خبرة عربي خلال مسيرته العلمية الطويلة العديد من ورشات العمل والدورات التدريبية التخصصية في المجالات العلمية التطبيقية لعلوم الأراضي، وشارك فيها العديد من الخبراء والفنيين من الوطن العربي ، حيث تم التدريب على أحدث البرمجيات المتعلقة ، في مراقبة التصحروتقييم تدهور الأراضي وكيفية قياسها حقلياً   ، ويعمل حالياً على تبني منهجية علمية لمراقبة العواصف الغبارية والحد منها بالتكامل بين تقانات الاستشعار عن بعد والوسائل التقليدية .

في ختام كلمتي أجدد لكم ألتزامنا بقضايا ومشاكل المناطق الجافة والأراضي القاحلة والعمل على الحد منها، ويشرفني أن أضع كافة إمكانات منظمة “أكساد” في خدمة ونجاح العمل العربي المشترك في مجال مكافحة التصحر والتخفيف من أثار الجفاف.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                                                              الدكتور نصر الدين العبيد

                                                               المدير العام

زر الذهاب إلى الأعلى